Al-Arab Blog - مدونة العرب
٢٠٠٣/١٢/٢٦
المصحف وكتاب تاريخ الأمة .. أهم محتويات زنزانة صدام
المصحف وكتاب تاريخ الأمة .. أهم محتويات زنزانة صدام
زيارة إلي غرفة اعتقال الرئيس..
محمود التميمي
ظهيرة الأحد ذي الفجر الأحمر .. فوجيء موفق الربيعي عضو مجلس الحكم الانتقالي برنين الهاتف في مكتبه وكان الطرق الثاني في ذلك الاتصال الحاكم المدني للعراق شخصيا المدعو 'بول بريمر' وبكلمات مقتضبة قال
بريمر: استعد لمقابلة صدام حسين خلال الساعة القادمة أنت وبعض من أعضاء مجلس الحكم .. فوجيء الربيعي بالخبر .. وبدون الحصول علي تفاصيل .. أغلق الهاتف واستعد لمقابلة الرجل الذي أعيا مطارديه خلال بحث
استمر طيلة الأشهر الثمانية الماضية .. وفي الموعد المحدد كان موفق الربيعي يلتقي في مكتب بريمر بزملائه عدنان الباجه جي وعادل عبدالمهدي وأحمد الجلبي استعدادا للقاء الرئيس العراقي المعتقل .. وبعد أن شزح لهم
بريمر بعضا من تفاصيل عملية الفجر الأحمر .. استقل الجميع سيارة واحدة أخذتهم إلي مطار عسكري مخصص للمروحيات الأمريكية حيث أقلتهم واحدة .. طارت فوق بغداد لتحط في أحد الأحياء السكنية النائية .. وهناك
نزلت المجموعة وقد تملكتهم رهبة .. فهم مقبلون علي لقاء صدام رغم كل شيء .. حاول المقتربون من المبني المكون من طابق واحد تقديم الدكتور عدنان الباجه جي عنهم باعتباره الأكبر سنا .. بصراحة حاول كل منهم
تقديم زميله .. وحده موفق الربيعي امتلك بجاحة أن يتقدم الجمع في الدخول إلي الغرفة .. ولكن المأزق الحقيقي هو في أول لحظة لقاء بين صدام وزواره الشامتين .. هل يلقون عليه السلام؟! .. لا يمكن .. هل يصافحونه؟! ..
لا يستقيم الأمر فهم يعتقدون أن مصافحة بريمر وبوش أولي من صدام .. المهم تفتقت عقلية موفق الربيعي عن فكرة جهنمية .. فقد قرر أن يدخل علي صدام كما تدخل الندابات علي أسرة الميت .. بالعويل والصراخ .. فإذا به
يصرخ فور دخوله علي الرجل الأسير: صدام .. لعنة الله عليك في الدنيا والآخرة .. لماذا فعلت بنا كل هذا .. كيف تواجه رب العالمين في الآخرة.
وكان صدام في تلك اللحظات بين الصحو والنوم .. فقد كان نائما بعد إرهاق طويل إلا أن جنديا أمريكيا أيقظه لاستقبال الزوار من مجلس الحكم .. فكان يحاول استجماع أعصابه حينما دخل عليه ذلك الجمع الذي ضم أربعة
أعضاء في مجلس الحكم إلي جانب بول بريمر وريكاردو سانشيز قائد القوات الأمريكية في العراق.
وهكذا كسر الربيعي حاجز الصمت بين رفاقه وصدام، وكان علي صدام ان يرد علي تلك الزفة .. فما كان منه إلا أن نظر إلي الربيعي باحتقار موجها إليه الشتائم بصوت منخفض.
أحمد الجلبي تدخل لتقديم زملائه ولكنه نسي أن يقدم نفسه .. فتبرع الربيعي بالاشارة إلي زميله قائلا: 'أعرفك علي أحمد الجلبي، ولكن صدام بدا ولو كان يعرفهم جميعا .. إلي تلك اللحظة كان الكل وقوفا بينما صدام كان
جالسا علي حافة فراشه العسكري المستقدم من مهمات القوات الأمريكية .. واضعا قدما علي الأخري .. لاحظ ان الاشاوس الذين حضروا اللقاء قالوا إنه كان ذليلا منكسرا وانتبه الجلبي إلي الموقف فقال لم لا نجلس ..
فأشار سانشيز لجنوده بإحضار مقاعد من الغرفة المجاورة .. وجلس الجميع، بينما رفض بريمر وسانشيز الجلوس وظلا علي حالتيهما الواقفة يرقبان ذلك اللقاء بنظرات حادة تحاول تسجيل اللقاء فضلا عن العدسات التي
زرعت في زوايا لغرفة لتسجيله.
واستمرارا لجرأته علي الكلام افتتح موفق الربيعي الأسئلة وقال: لماذا لم تستخدم أيا من الرشاشين اللذين كانا معك ضد الأمريكيين؟!
فأجاب صدام متهكما .. وهل قاتلت أنت؟!
فقال الربيعي: لماذا قتلت الصدر الأول والصدر الثاني؟!
فتهكم صدام مرة أخري بالقول: من الصدر ومن الرجل 'القدم' هذا؟ لا يعنيني لا صدر ولا رجل.
الربيعي: لماذا دفنت الناس في المقابر الجماعية؟
صدام: وهل سألتم أهالي المقبورين هناك ..هؤلاء خونة ولصوص وغوغاء وعملاء إيران وقت الحرب .. خانوا الوطن.
عدنان الباجه جي: كان عندك فرصة ذهبية للانسحاب من الكويت عام 1991 وتنقذ البلد من المشاكل والحروب فلماذا لم تفعل؟
صدام: أنت وزير الخارجية الأسبق أليس كذلك .. أنت تعرف أن للعراق حقا تاريخيا في الكويت ونحن كعراقيين حاولنا استعادة ذلك الحق ليس أكثر .. وفي نفس الوقت حاولنا تنمية البلد وتطوير العراق .. حينما جئت
للحكم كان العراقيون حفاة وجياعا والعراق كان متخلفا .. فرنسا قالت نحن نطوركم .. واتفقنا معها ووصلنا إلي مستوي عالي جدا من التطور لم ترض عنه الصهيونية.
قاطعه الباجه جي ليقول: لكنك كنت حاكما ظالما.
أجاب صدام: أنا حاكم عادل وصادق ولكني حازم.
فعاد موفق الربيعي للأسئلة الحادة: الشعب فقير .. وهو جالس علي النفط .. فلماذا فعلت بالشعب هكذا؟
صدام: أنا رجل بسيط أيضا ولا أملك شيئا.
الربيعي: في بغداد وحدها لديك 10 قصور وتقول إنك فقير؟!
صدام مبتسما: خرجت منها ولا أملك شيئا وهذه قصور الشعب.
الربيعي: لماذا قتلت الأكراد في حلبجة؟
صدام: إيران فعلتها أثناء الحرب ولم أرتكب تلك الجريمة.
الربيعي: بل أنت ارتكبتها .. كيف ستقابل الله بتلك الجرائم لعنة الله عليك .. وهنا رد صدام علي الربيعي بالشتم والزجر الشديد مؤكدا انه الرئيس الشرعي المنتخب من الشعب العراقي .. وأن مجلس الحكم مجرد أذناب
للأمريكان.
وهنا طلب أحمد الجلبي من الجميع الخروج قائلا: 'دعونا نخرج' .. عندها قال صدام: 'هذا هو؟' أي هذا كل شيء؟!
فرد عليه الربيعي بالشتم والدعاء عليه حتي خرجوا من الغرفة ووراءهم بريمر وسانشيز.
في تلك اللحظات كان صدام يرتدي دشداشة بيضاء وجاكت 'أزرق نيلي' وحذاء خفيفا أسود وجوربا بنفس اللون وقد بدا حليق الذقن نظيف البدن بعد أن استحم في حمام مجاور لتلك الغرفة التي تبلغ أبعادها مترين عرضا
وثلاثة أمتار طولا'.
وتكتسي حوائطها بالقيشاني الأبيض بينما تبدو قوالب الطوب من بعض أجزاء الحائط التي سقطت عنها بلاطات القيشاني.
وفي الجهة المقابلة للباب يوجد سرير حديدي أسود اللون من مهمات القوات الأمريكية .. وعلي السرير مرتبة اسفنجية وملاءة بيضاء وغطاء واحد فقط للتدفئة .. لا يوجد في الغرفة مصدر للمياه إلا أنها تمتليء بزجاجات
المياه المعبأة وعلب العصير التي أحضرت إلي صدام فور نقله إلي هذه الغرفة .. وعلي طاولة بجانب السرير تجد المصحف وسجادة صلاة وعلبة سجائر وتلك الطلبات الثلاثة الأخيرة كان قد طلبها صدام فور خروجه من حالة
فقدان الوعي عقب اعتقاله .. وأعلي الباب تجد شعارا لاحظه أعضاء مجلس الحكم الانتقالي فور دخولهم الغرفة .. إنه شعار حزب البعث العربي الاشتراكي، وقد خطه أحدهم منذ سنوات بالطلاء الأحمر 'وحدة .. حرية ..
اشتراكية' .. وبالتأكيد فإن صدام لا يشعر بالراحة في تلك الغرفة إلا أنه في كل الأحوال يدرك ما ينتظره من أهوال علي يد المحقق الأمريكي .. فقد أعلن مسئولون في المخابرات الأمريكية عبر وسائل الإعلام عن احتمال
نقل صدام إلي موقع جديد وتتوافر فيه وسائل الضغط النفسي علي صدام ليدلي بمعلومات حول المقاومة العراقية .. متبعين بذلك عدة وسائل:
أولا: الحبس في غرفة صغيرة جدا بلون واحد .. وبدون منافذ لمدة طويلة.
ثانيا: الحبس في زنزانة مظلمة لعدة أيام أو لعدة ساعات كل يوم.
ثالثا: التحكم في نوع الأكل وفي مواعيد تقديمه وحتي مواعيد استخدام المرحاض الذي سيكون علي الرئيس العراقي الاستئذان كلما أراد استخدام ذلك الوضع اللاأخلاقي تجاه رجل كان يحكم بلدا مثل العراق يجعلنا نهتم
بطول الفترة التي سيقضيها علي تلك الصورة .. والواضح والمعلن من الأمريكان انه لا محاكمة قبل شهر يوليو القادم .. وهذا يعني معاناة أكثر للرجل المريض (66 عاما) في محبس لا يليق .. وفي وضع لا يليق .. وفي زمن
لا يليق.
محمود التميمي
0 Comments:
"Join this group" مجموعة العروبيين : ملتقى العروبيين للحوار البناء من أجل مستقبل عربي افضل ليشرق الخير و تسمو الحرية | ||
Subscribe to Arab Nationalist | ||
Browse Archives at groups-beta.google.com |
This work is licensed under a Creative Commons License.
Anti War - Anti Racism
Let the downFall of Sharon be end to Zionism
By the Late, great political cartoonist Mahmoud Kahil