Al-Arab Blog - مدونة العرب

أُسر صدام فهل أُسرت المقاومة؟!!

مفكرة الإسلام: سارعت وسائل الإعلام الأمريكية والبريطانية بنشر صور مهينة لصدام حسين.. وعرضته أمام العالم أجمع منتشية بنشوة حسبتها نصرا مؤزرا… ورأت أنها بأسرها له قد حققت إنجازا لطالما سعت إليه ..، وظنت أنها بقيد تضعه في يد صدام سوف تجهض المقاومة الأبية على أرض العراق.

والناظر المستبصر في حقيقة الواقع على الأرض يعلم أن ظنها ذلك زور وأن أملها غرور،وأن المقاومة الشجاعة لن تتأثر بأسره ولو أدنى أثر وذلك لأسباب:

1 ـ إن مرارة الاحتلال الذي غص في حلق كل عراقي بل كل مسلم وتجرعه الجميع يوم التاسع من أبريل ، وأعلن معه العالم موافقة ورضا بكونه احتلالا يوم 25\5 بموافقة مجلس الأمن على قرار يجعل الاحتلال مباشرا بعد أن جاء محمولا على دعاوى التحرير..

هذه المرارة لم يتجرعها صدام وحده ولكنه كان فردا من مئات الملايين الذين علقوا تلك المرارة والذين ستبقى آلامهم محرقة سواء أسر صدام أم فك قيده .. وسواء أكان حيا أم حتى فارق الحياة !!

2 ـ إن البواسل الأبطال الذين حملوا لواء المقاومة في وجه الغاصب المعتدى وأضاءوا مشاعلها لم يكونوا يفعلون ذلك من أجل صدام أو غيره بل حتى إنهم لم يكونوا صداميين، بل كانوا شبابا آلمتهم الذلة وأحرقتهم الهزيمة ودفعهم حب الشهادة إلى تستطير ملاحم الشهداء؛ فأول شرارة بدأت للمقاومة بدأت في الفلوجة التي تبعد50 كيلو عن بغداد ويومها تظاهر أهلها مطالبين بخروج جند الاحتلال من مدارسهم ومستشفياتهم…، وأطلق الأمريكيون عليهم النار فسقط منهم 13 رجلا وعشرات الجرحى..،ونشرت مقاومة الفلوجة بضاعتها خارج المدينة، وامتدت العمليات إلى محافظات الأنبار وداخل بغداد نفسها وصولا إلى الشمال في الموصل وعلى نحو يومي ومؤثر لدرجة أبعد مما تصور كل أحد.

3 ـ كان واضحا لكل ذى عين نزوع القوات الأمريكية إلى تحميل مسئولية المقاومة لبقايا حزب البعث وفدائيى صدام ولم يكن هذا التصوير الأمريكي للمقاومة على أنها محاولة لإعادة صدام إلى السلطة إلا محاولة منها لحرقها شعبيا وتوفير التعاون من العراقيين ضدها وهو ما عبر عنه غير واحد من المسئولين الأمريكيين منهم الجنرال تشارلز سواناك قائد الفرقة 82 المجوقلة قال 'أعتقد أن صدام كان ينوى شن تمرد في حال سقوط العراق' … ولكنه ناقض قوله في اليوم التالي حيث قال في مؤتمر صحفي 'إنه لا يعتقد أن صدام يقوم بتنسيق المقاومة لأن همه الأول هو عدم الوقوع في الأسر وهو ما عبرت عنه صحيفة النيويورك تايمز عشية مقتل ضباط المخابرات الأسبان بقولها ' هناك قدر كبير من الارتباك ربما ساد الدوائر الأمريكية لتحديد العدو'.. وتضيف الصحيفة' وهناك قاسم مشترك بين تصريحات المسئولين الأميريكيين السياسيين والعسكريين في ربطها ـ أي المقاومة ـ بصدام حسين وأنصاره قالت الصحيفة.. 'والحال أن هذا القاسم المشترك هو الكذبة الأوضح !!

4 ـ أجمع المراقبون والمحللون أن القدر الأكبر والنصيب الأكثر تأثيرا من المقاومة إنما هو لاتجاهات إسلامية سنية… فأول منشور وزع في ثاني أيام الاحتلال هو منشور وزع في مناطق الأعظمية والكرخ والفلوجة والرمادي وكان بلسان إسلاميين و فيه عاهدوا الله ثم عاهد الأمة على رفع راية الجهاد حتى النصر أو الشهادة.

يقول روبرت فيسك الصحفي البريطاني الذي زار العراق لفترة طويلة يقول 'إن نسب المقاومة إلى القاعدة والمقاتلين الأجانب وحدهم ضرب من المبالغة الكبيرة وهى محاولة للتغطية على الفشل الأميريكي في مواجهة المقاومة ..' ويضيف فيسك.. 'أن المقاومة العراقية هي حالة تنتشر بين العراقيين السنة يدفعهم لها عقيدتهم وشعورهم بالمهانة'..

وهو ذاته ما أومأت إليه كثير من وسائل الإعلام العالمية . مثال صحيفة فرانكفورتر روندشارو الألمانية التي أصدرت بتاريخ 10/11 مقالا استهلته بقولها ..'المشكلة الكبرى لقوات الاحتلال الأمريكي بالعراق أن شهر رمضان شهد توحدا لكل الاتجاهات والتيارات العراقية في ظل اختلاط الأسباب الدينية والاجتماعية.. وحينئذ لن تنفع لا قرارات الأمم المتحدة ولا القوات الدولية ، ولن تبقى فقط إلا المأساة الأميريكية في العراق'..

وبالمقابل نشرت مجلة 'دير شبيجل' الأسبوعية تحقيقا أعده موفدها في العراق 'رالف هوبه' أشار فيه إلى أن المقاومة العراقية منتشرة في جميع أنحاء البلاد وتعمل بطريقة حرب العصابات وعددهم آلاف كثيرة وأنهم عراقيون فخورون بما يعملون ويستهزئون بمدى ضعف القوات الأمريكية وأنهم يسمون أعمالهم بالجهاد المقدس'..

5 ـ ثمة بعد آخر مهم هنا وهو أن مجموعات المقاومة آخذة في الاتساع وقد بدأت في أن تتبلور في صيغ تنظيمية ذات أهداف واضحة ونشاطات سياسية وإعلامية، بل إن بالإمكان القول إن شيئا كهذا قد بدا فعلا بإعلان حركة المقاومة الإسلامية الوطنية العراقية، وقد حصلت هذه الحركة على دعم واضح من علماء السنة بعد تجمع مسجد أم القرى يوم الجمعة 18\7 .

6 ـ يمكننا أن نرصد مستويات شتى للمقاومة تبين اتجاهاتها...

فأولها .. الهجمات شبه العسكرية وتفجيرات أنابيب البترول وهى على الأرجح من صنع قوى شعبية ومجموعات صغيرة.

وثانيها .. هناك الاشتباكات بين المواطنين وقوات الاحتلال وأعمال القنص التي يقوم بها الأفراد الثائرون بدافع ذاتي.

ثالثها.. عمليات أشبه بتصفية حسابات مع عملاء الاحتلال أغلب الاحتمالات أنها يقوم بها عسكريون سابقون أو قوميون أو منتمون سابقون لحزب البعث.

رابعها … وهو الأهم .. الهجمات العسكرية والمواجهات القوية والعمليات الاستشهادية والتي يقوم بها جماعات المجاهدين الإسلاميين بالمشاركة مع بعض المتطوعين العرب وجماعة أنصار الإسلام الكردية وغيرهم.

7 ـ ويمكننا في الأخير أن نقول إن المقاومة العراقية الأبية التي أذهلت العالم بثباتها وإنجازاتها ونجاحاتها.. والتي جعلت من يوم سقوط صدام والبعث ومجيء الاحتلال منطلق شرارة لها … تلك المقاومة لا يمكن أن يفت في عضدها أو أن يثنى عزمها أسر أحد رجال العراق حتى وإن كان رئيسها السابق المخلوع.

لقد اتخذت المقاومة العراقية من تراث حماس في فلسطين ومجاهدي الشيشان وغيرهما ميراثا أدبيا لها وروت بدم الشهداء ثرى حاضرة الرشيد ريا يأبى أن يستذل حتى ولو صارت بغداد أنهارا من دماء !!!وأخيرا فيكفي أن نسوق كلام القائد العسكري الأمريكي الميجور جنرال 'رايموند أوديرنو' بعد أسر صدام ليؤكد لنا هذه الحقيقة ويزيل عنها الغبش الذي أوجده حال أمتنا المؤلم حيث يقول :

إن قوّاته لم تعثر على أية هواتف، أو أجهزة مذياع أو أدوات اتصالات أخرى في مخبأ صدام، وقال: [هذه الحالة التي وجدناه عليها تدعم الشكوك في أنّه لم يكن يقود التمرد المعادي للأمريكان على نطاق واسع، وأعتقد أنّه كان يمثل دعماً معنوياً بأكثر مما كان يمثل دعماً تخطيطياً قيادياً]!!
كتبه للمفكرة خالد السيد