Al-Arab Blog - مدونة العرب

٢٠٠٤/٠٢/٢٧
اليهود الشرقيون في إسرائيل

اليهود الشرقيون في إسرائيل
عرض/ إبراهيم غرايبة
تقدم مجموعة الدراسات في هذا الكتاب صورة عامة عن اليهود الشرقيين في إسرائيل، وهم الذين هاجروا إلى إسرائيل من بلاد آسيا وأفريقيا وأساسا من الأقطار العربية والمغرب العربي بخاصة، ويعرض الكتاب ظروف هجرتهم، ومشاكل استيعابهم، ومعاناتهم الثقافية والاقتصادية والسياسية والدينية، وتوزيعهم الجغرافي.
السفارديم
يعيش في إسرائيل بالإضافة إلى الفلسطينيين ثلاث مجموعات يهودية: السفارديم، وهم اليهود الشرقيون، والأشكناز، وهم اليهود الذين هاجروا من الأميركيتين والدول الأوروبية وأستراليا وجنوب أفريقيا واليهود الروس.
|
والسفارديم تعني الأسبان، وتطلق أساسا على المغاربة، ثم امتدت التسمية لتشمل جميع اليهود من أصول شرقية، آسيوية وأفريقية، وتتكون هذه المجموعات من المهاجرين من أقطار شرقية أهمها (من حيت مصدر الهجرة) المغرب، ثم العراق ومصر، وهناك يهود قادمون من اليمن وسوريا وإيران وبخارى، وربما يكون يهود العراق ومصر هم الأكثر حظا في إسرائيل، والأكثر انسجاما مع المجتمع الإسرائيلي الكلي.
وقد عاش اليهود الشرقيون مع العرب قرونا طويلة، وكانوا جزءا من الثقافة العربية والإسلامية، ولم يكن لهم تجربة ذات معنى مع الكارثة التي حلت باليهود الأشكناز في أوروبا، ولكن اليهود الشرقيين أكثر عداء للعرب الفلسطينيين، ويرد ذلك إلى موقعهم الاجتماعي المتدني في المجتمع الإسرائيلي وموقعهم السياسي مع اليمين الإسرائيلي المتطرف.
فقد أنشئت إسرائيل كدولة أوروبية ينتمي إليها مجتمع أوروبي عصري يختلف عن المجتمعات الشرقية، وقد أدت هذه السياسة إلى استعلاء وسيطرة المجموعة الأوروبية، وتهميش المجموعات الشرقية.
وجعل الصراع العربي الإسرائيلي العروبة في إسرائيل هي الآخر، وقد انعكس هذا على اليهود الشرقيين الذين كانت ثقافتهم الأصلية متماهية مع العالم العربي (الآخر)، فظل المجتمع الشرقي بأكثريته على هامش المجتمع الإسرائيلي وهدفا للاستغلال الاقتصادي والتمييز الاجتماعي والتلاعب السياسي والثقافي من قبل النخبة الإسرائيلية الغربية.
وقد يفسر هذا الواقع صعود حزب شاس في التسعينيات من القرن العشرين، فهذا الحزب ليس حزبا سياسيا فحسب، ولكنه أيضا إطار ثقافي تقليدي يعبر عن الشعور بالاغتراب، والغضب والاحتجاج على أجهزة الدولة الإسرائيلية التي تخلت عنهم، ويشارك في الوقت نفسه في استغلال الجمهور الشرقي والتهويل السياسي والثقافي، فهو تعبير حقيقي عن الثقافة اليهودية الشرقية وفي الوقت نفسه وكيل سياسي وأيديولوجي.
الفجوة بين السفارديم والأشكناز
يجد أودي أديب أن الفجوة بين اليهود الشرقيين (السفارديم) والغربيين (الأشكناز) لم تقتصر على فترة التأسيس، ولكنها رافقت مسار الدولة الإسرائيلية، بل إنها تتزايد، فمازالت نسبة الأشكناز في الجامعات إلى السفارديم هي: 4 : 1، وتتزايد نسبة التعليم بين الأجيال الأشكنازية بوتيرة أسرع من تزايدها بين السفارديم ما يعني تزايد الفجوة بين المجموعتين (في كتاب "الأساطير المؤسسة لإسرائيل" يذكر المؤلف زئيف ستيرنهيل أن السياسات الإسرائيلية تعمدت حجب التعليم الثانوي عن أبناء السفارديم لكي يستمروا في الأعمال الزراعية وغير الماهرة، وليبقوا طبقة دونية في المجتمع الإسرائيلي- المحرر)
”
لم تقتصر الفجوة بين اليهود الشرقيين والغربيين على فترة التأسيس، ولكنها رافقت مسار الدولة الإسرائيلية، بل إنها تتزايد في مختلف مجالات الحياة رغم التحولات التي شهدتها إسرائيل
”
وتمتد الفجوة بين المجموعتين إلى الدخل، فدخل العائلة الشرقية كان عام 1991 يساوي 85.5% من دخل العائلة الغربية، وكان دخل الفرد الشرقي يساوي 69.6% من دخل الفرد الغربي، وفي ظروف السكن المريحة فقد كانت نسبتها تساوي 52.7% لدى الغربيين مقابل: 35.3% من الشرقيين.
وربما يكون من أسباب التحول الكبير الذي جرى عام 1977 في إسرائيل هو الاتجاه الكبير للشرقيين لإسقاط حزب العمل المسؤول عن السياسات المتحيزة والتمييزية تجاه الشرقيين، ويقدر أن 80% منهم قد أعطوا أصواتهم للأحزاب اليمينية عام 1992.
بدأ الشرقيون يتقدمون في السياسة أكثر مما يتقدمون في المستوى الاقتصادي- الاجتماعي، ولكن هذا التقدم برأي الباحث الإسرائيلي سامي سموحة (يهودي عراقي) لم يضع حدا للهيمنة الأشكنازية في المجال السياسي، فمازال الأشكنازيون يهيمنون على القرارات ويحددون الأولويات على السلم القومي دون الأخذ بالحسبان احتياجات الشرقيين.
وفي تفسير المكانة المتدنية للمجتمع اليهودي الشرقي يخلص أوديب إلى أن ذلك نتيجة حتمية للمشروع الكولونيالي- الاستيطاني الإسرائيلي، ويستخدم نموذج عالم الاجتماع الإسرائيلي أورن يفتحئيل في التوجه الجغرافي- الاجتماعي، الذي يعتقد أن المهاجرين الشرقيين نقلوا إلى المناطق الحدودية استمرارا للعملية الكولونيالية الاستيطانية نفسها التي تم خلالها طرد وسلب المواطنين الفلسطينيين، ويشدد يفتحئيل على الأساس الأشكنازي كقوة محركة للمشروع الكولونيالي- الاستيطاني الإسرائيلي.
بينما يشدد أوديب اعتمادا على التوجه الماركسي في التفسير الاجتماعي على الأساس الطبقي الاجتماعي، وليس المنشأ الإثني كأساس للقوة المحركة للنخبة الإسرائيلية، والصراع بين اليهود الشرقيين والغربيين ليس برأي أوديب صراعا إثنيا ثقافيا، إنما هو صراع سياسي ديمقراطي جمهوري.
تركيبة اليهود الشرقيين
يعرض راسم خمايسي المحاضر في جامعة حيفا لواقع اليهود الشرقيين من النواحي الاقتصادية والاجتماعية، والتوزيع الجغرافي داخل إسرائيل، والتحولات التي نشأت داخل مجموعة اليهود السفارديم، والعلاقة بينهم وبين التجمعات الإثنية الأخرى، وسياسات التوطين والتخطيط التي نهجتها الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة في التعامل مع اليهود السفارديم وأبعاد تلك السياسة وتبعاتها.
ويشكل يهود السفارديم 34.2% من اليهود (1.564.000 نسمة) عام 1998، وكانت نسبتهم عام 1972 تساوي 46.3% من اليهود في إسرائيل، وقد انخفضت هذه النسبة بسبب ارتفاع معدلات الهجرة اليهودية من الاتحاد السوفياتي.
”
لا يمثل اليهود الشرقيون مجموعات متجانسة، ولذلك فإن استجابتهم وردود أفعالهم تجاه السياسات الأشكنازية المهيمنة كانت متفاوتة، وتتراوح بين الاندماج في المجتمع والتقوقع والتمسك بالهوية الطائفية
”
ومازالت الهجرة اليهودية من دول مشرقية مستمرة، فقد هاجر عام 1979 من المغرب 450 يهوديا، و174 من الجزائر، و191 من تونس، وتبلغ نسبة اليهود الآسيويين 15.9% من اليهود في إسرائيل (727 ألف نسمة) ويتوزعون على الدول التالية (يتبع كل دولة رقم يعبر عن نسبة اليهود المهاجرين منها) تركيا: 11.7، العراق: 35.3، اليمن: 21.2، إيران: 18.3، الهند وباكستان: 5.9، سوريا ولبنان: 5.2، دول آخرى: 2.4، وتبلغ نسبة اليهود الأفريقيين 18.3% من اليهود في إسرائيل (838 ألف نسمة) ويتوزعون على الدول التالية (يتبع كل دولة رقم يعبر عن نسبة اليهود المهاجرين منها) المغرب: 59.7، والجزائر وتونس: 14.8، وليبيا: 8.8، ومصر: 7.4، وإثيوبيا: 7.2، ودول أخرى: 2.0.
ويتركز اليهود الشرقيون في مناطق الأطراف الجغرافية وبخاصة في النقب، وجاء هذا الواقع تنفيذا لسياسة توزيع السكان التي وضعتها النخب الأشكنازية، ولكن النخب الشابة من الشرقيين بدأت تهاجر إلى المراكز المدينية.
واليهود الشرقيون ليسوا مجموعة متجانسة، ولذلك فإن استجابتهم وردود أفعالهم تجاه السياسات الأشكنازية المهيمنة كانت متفاوتة، فاليهود العراقيون والمصريون والسوريون كانوا أكثر ميلا للاندماج في المجتمع الإسرائيلي، وكان المغاربة واليمنيون يميلون أكثر إلى التمسك بهويتهم الطائفية.
وربما يكون الوضع الأمني غير المستقر عاملا في توحيد المجموعات اليهودية وتأجيل الصراع الإثني والثقافي والطبقي، ولكن المشكلة بدأت بالظهور مؤخرا على نحو قوي وواضح، مثل الصراع بين المتدينين والعلمانيين، والتمايز الروسي.
الاتجاهات السياسية لليهود الشرقيين
شهدت إسرائيل منذ تأسيسها ثلاث مراحل سياسية حسب نتائج الانتخابات، فقد سيطر حزب العمل على الحياة السياسية منذ قيام دولة إسرائيل حتى العام 1977، ثم انتقلت السلطة إلى حزب الليكود، وظلت الحياة السياسية حتى العام 1996 تقودها كتلتان كبيرتان بقيادة الليكود والعمل، وتميزت المرحلة الثالثة بعدم وجود أحزاب كبرى، ما يدل على انقسام سياسي حاد في المجتمع الإسرائيلي.
ولم يقتصر الانقسام الإسرائيلي على الانتخابات، وإنما امتد إلى المجالات الاجتماعية أيضا، وبدأت هيمنة السياسة الطائفية في إسرائيل، فقد برزت الأحزاب الطائفية مثل شاس، وبدأ الشرقيون يحتلون مناصب مهمة ويشاركون في السلطة المحلية ويؤثرون في الأحزاب السياسية.
يميل اليهود الشرقيون نحو التصويت لحزب حيروت ثم الليكود، بينما يميل الغربيون إلى حزب العمل، ولكن لماذا يصوت اليهود الشرقيون لصالح حزب يميني متشدد؟
أورد الباحثون الإسرائيليون تفسيرات عدة لهذا السلوك، طبقية واحتجاجية وحضارية وتاريخية وسياسية.
فالشرقيون هم من الطبقات الدنيا ويرون حزب العمل لا يمثل مصالحهم وإنما النخب والطبقات الوسطى، ويرى بعض الباحثين أن اليهود الشرقيين يصوتون لليمين المتشدد احتجاجا على سياسات حزب العمل التمييزية والمنحازة تجاههم، وثقافيا فإن بعض الباحثين يصنفون الشرقيين تقليديين لا يميلون إلى العلمانية. وقد بدأ الشرقيون يشكلون أحزابهم الخاصة بهم، مثل حزب تامي وشاس.
”
عاشت الجاليات اليهودية على مدى قرون عدة في ظل ثقافات متعددة، وعند التقائها في مكان واحد برزت توترات واختلافات عدة في ما بينها تتمثل في لون البشرة والزي واللغة والفرائض الدينية والمأكولات والفن
”
أوجه الاختلاف بين السفارديم والأشكناز
عاشت الجاليات اليهودية على مدى قرون عدة في ظل ثقافات متعددة، وعند التقائها في مكان واحد برزت توترات واختلافات عدة في ما بينها، ومن أهم الاختلافات بين المجموعتين الرئيسيتين:
1- لون البشرة، فالأشكناز بيض كالأوروبيين، والسفارديم تميل بشرتهم إلى اللون القمحي.
2- الزي: مازال الفرق في اللباس واضحا لدى كبار السن، أما الشباب فيرتدون اليوم جميعهم الزي الأوروبي، ولكن المتدينين من الطرفين يتخذ كل منهما لباسا خاصا به.
3- اللغة: تميل لهجة الشرقيين بعد تعلمهم العبرية إلى العربية، فيشددون على الأصوات الحلقية كالحاء والعين، ومازال بعضهم لا يتحدث إلا العربية، ويبتلع الأشكناز -مثل الغربيين- الحروف الحلقية، وبعضهم مازال لا يتحدث إلا اليديشية.
4- الفرائض الدينية: يتبع السفارديم التلمود البابلي، والأشكناز يتبعون التلمود الأورشليمي، وعلى هذا الأساس قامت كنس مختلفة بعضها عن بعض في الصلاة والتلاوة، فيدمج الأشكناز في صلواتهم أبياتا من الشعر تعود إلى القرن الثامن الميلادي، وأما السفارديم فيقتبسون أبياتا من تأليف شعراء اليهود في الأندلس مشبعة بالثقافة العربية، ويغلب اللحن الشرقي في تلاوة السفارديم للتوراة، ويحفظ الأشكناز التوراة في قماش عادي، بينما يحفظها السفارديم في صندوق خشبي مطلي بالفضة والذهب، ويوجد نص الخروج الذي يتلى في عيد الفصح باللغتين العربية والعبرية، ومازال كبار السن من السفارديم يتلونه بالعربية، ولا يحتفل السفارديم بليلة رأس السنة الميلادية، بعكس الأشكناز الذين يحيونها في الألعاب والتسلية كالغربيين.
5- المأكولات: يتناول الشرقيون الأطعمة الشرقية حسب بلدانهم، وتستخدم الأكلات العربية وبأسمائها العربية، الفلافل والحمص والفول والزعتر، ويحرم الأشكناز أكل الأرز في أيام عيد الفصح، بينما يسمح السفارديم بذلك.
6- الغناء والرقص: تسمع في تجمعات اليهود الشرقيين الأغاني العربية، أم كلثوم، وفريد الأطرش، وعبد الحليم حافظ، والأغاني العراقية، ويعتز اليهود العراقيون بغنائهم العراقي، ولهم مدرسة عريقة في الغناء والطرب، ومنهم من يؤلف المقامات والأغاني الشعبية العراقية، وتطورت الأغنية الشرقية في الثمانينيات على يد مطربين يمنيين ومغربيين، وينتشر الرقص الشرقي أيضا، ويغني اليمنيون ويرقصون باللباس اليمني التقليدي.
7- الأعياد والمناسبات: بالإضافة إلى الأعياد المشتركة، وهي رأس السنة العبرية ويوم الغفران وعيد المظلة والأنوار والمساخر والفصح والعنصرة ويوم الاستقلال، يقيم اليهود الشرقيون احتفالات وأعيادا خاصة بهم، فيقيم المغاربة احتفالا خاصا بهم في آخر أيام عيد الفصح عند ضريح الصديق بار- كوخايا قرب صفد، وتعود هذه الاحتفالات إلى الحكيم اليهودي المغربي موشي عمار في القرن الثامن عشر وهو من شعراء العربية، ويفتح المغاربيون بيوتهم في هذه المناسبة لاستقبال الزوار والمهنئين من الطوائف الأخرى الذين ينظرون إلى المناسبة باعتبارها عيدا يهوديا مغاربيا.
0 Comments:
"Join this group" مجموعة العروبيين : ملتقى العروبيين للحوار البناء من أجل مستقبل عربي افضل ليشرق الخير و تسمو الحرية | ||
![]() |
Subscribe to Arab Nationalist | |
Browse Archives at groups-beta.google.com |

This work is licensed under a Creative Commons License.
Anti War - Anti Racism
Let the downFall of Sharon be end to Zionism
By the Late, great political cartoonist Mahmoud Kahil