These are the new scripts on the walls of Babylon: فليكن سقوط شارون سقوطاً للصهيونية What was created from lies, and nurtured by lies, must face the destiny of lies, too; Or did their God choose brain-dead mokeys unable to see beyond their sick ego's and their ugly noses ! [sic , Sharon !]

Al-Arab Blog - مدونة العرب

Iraqi Quagmire for The American Empire

٢٠٠٥/٠٦/١١

صحافة ضد المقاومة: جريدة الشرق الأوسط أنموذجا

صحافة ضد المقاومة: جريدة الشرق الأوسط أنموذجا

د. أحمد بن راشد بن سعيّد *     1/4/1426        09/05/2005


مقدمة
صحيفة الشرق الأوسط واحدة من أبرز الصحف العربية, وتقدم نفسها للعرب وللعالم بصفتها (جريدة العرب الدولية). تتخذ الصحيفة مواقف مثيرة للجدل, لاسيما ما يتعلق بالقضايا الكبرى للعرب كفلسطين والعراق والظاهرة الموسومة بالإرهاب. وتولي في تناولها الإخباري والتحليلي اهتماما كبيرا للحركات الإسلامية والناشطين الإسلاميين, واصفة الظاهرة الإسلامية عموما وبلا تمييز بالتطرف والأصولية, وربما كان هذا الموقف سببا في فقدانها كثيراً من الصدقية والاحترام في أوساط تيارات إسلامية وشعبية عديدة لاسيما في السعودية والخليج. وما زاد الطين بلة احتضان الصحيفة لكتاب رأي من التيار الموصوف بالليبرالي, وضعف الرأي الآخر في الصحيفة, واللغة المتشنجة التي يستخدمها هؤلاء الكتاب في تناولهم للقضايا المتصلة بالإسلام والمنتمين إليه. والصحيفة لا تضيق فقط باتجاهات الإسلام السياسي كما تسميها, ولا بتسييس الدين فقط كما يردد بعض كتابها ومحرريها, بل تضيق حتى بالمظاهر والشعائر الإسلامية كتحفيظ القرآن الكريم, والعمل الخيري والإغاثي, وارتداء الحجاب. وقد اتخذت الصحيفة مواقف مؤيدة للحكومة الفرنسية في حملتها لحظر الحجاب في المدارس الرسمية الفرنسية, واختفى تقريبا أي رأي مضاد, سواء في التناول الإخباري, أو في الرأي والتحليل. عبد الرحمن الراشد رئيس تحرير الصحيفة تبنى وقتها الموقف الفرنسي, داعيا إلى تفهم "الدوافع الحقيقية للقرار" الذي يرمي إلى "تخفيف مظاهر التدين" وهو ما سيخدم وضع المسلمين الفرنسيين على المدى البعيد كما قال( 15 كانون الثاني / يناير 2004). وفي مقال آخر أكثر وضوحا بعنوان "حاربوا التطرف لا الحكومة الفرنسية" أكد الراشد أن مظهر المسلمين البارز "يوحي بالتطرف فكرا وكلاما ولبسا" وأن على المثقفين العرب محاربة الإرهاب والتطرف بدلا من الطعن في نوايا الحكومة الفرنسية(3 شباط / فبراير 2004).

لكن أبرز ما يثير التساؤل هو موقف الصحيفة من حيث تناولها الإخباري والتحليلي من المقاومة في فلسطين والعراق, البلدين العربيين الواقعين تحت الاحتلال المباشر, وهو ما تناقشه جزئيا هذه الورقة.

المنهج
ستقتصر هذه الورقة على تناول صفحات الرأي في صحيفة الشرق الأوسط للمقاومة في فلسطين والعراق, ولن تتعرض لتناولها الإخباري. تنطلق الورقة من فرضية أن أعمدة الرأي في الصحيفة تقف في مجملها ضد نهج المقاومة وممارستها وثقافتها. وينبثق من هذه الفرضية السؤال التالي: هل أعمدة الرأي في صحيفة الشرق الأوسط تقف ضد نهج المقاومة وثقافتها في فلسطين والعراق؟
للإجابة عن هذا السؤال, فإن الباحث انتقى كاتبين يوميين وكاتبين أسبوعيين من كتاب الصحيفة, وحلل مضمون إنتاجهم في فترة محددة تحليلا كيفيا. الكاتبان اليوميان هما عبد الرحمن الراشد, وأحمد الربعي, والكاتبان الأسبوعيان هما صالح القلاب, ومأمون فندي. لم يكن هناك مفر من اختيار الكاتبين اليوميين المذكورين, لأنهما الوحيدان اللذان يكتبان بصفة شبه يومية في الصحيفة. أما الكاتبان الأسبوعيان فوقع الاختيار عليهما عمدا لاعتقاد الباحث أنهما من أكثر الكتاب تناولا لقضيتي العراق وفلسطين. كانت فترة الدراسة التي وقع عليها الاختيار هي الواقعة بين الأول من تموز (يوليو) و الحادي والثلاثين من كانون الأول (ديسمبر) عام 2004, وهي الفترة التي اشتدت فيها ضراوة المقاومة العراقية, ولم تتوقف الانتفاضة المشتعلة في فلسطين, رغم استشهاد الشيخ أحمد ياسين, والدكتور عبد العزيز الرنتيسي, و رحيل السيد ياسر عرفات, وما تبع ذلك من ابتهاج إسرائيلي وأميركي محموم ومفتعل بانحسار الانتفاضة, وتراجع خيار المقاومة. شملت الدراسة كل ما نشرته صحيفة الشرق الأوسط لهؤلاء الكتاب, مما له علاقة بشأن المقاومة في فلسطين والعراق. كان مجموع مقالات عبد الرحمن الراشد التي تم تحليلها 24 مقالا, وكان مجموع ما تم تحليله من مقالات الربعي 28 مقالا, أما صالح القلاب, فبلغ مجموع مقالاته المدروسة 6 مقالات, فيما بلغت مقالات مأمون فندي التي تمت دراستها 5 مقالات.

مناقشة

عبد الرحمن الراشد

ينطلق الكاتب اليومي عبد الرحمن الراشد في كتاباته من تعاطف واضح مع السياسة الأميركية في المنطقة, وفي العراق تحديدا, وهذا التعاطف دفعه لانتقاد المقاومة, والتقليل من شأنها, والسعي لربطها بالعدمية والعبث. ومن منطلق الواقعية يطالب الراشد دائما بالرضوخ والاستسلام وعدم مصادمة العالم, كما يردد كثيرا, والعالم كما يراه هو الولايات المتحدة والدول الغربية.

في عموده المنشور في العاشر من تموز(يوليو) ناقش الكاتب الهجوم الذي شنته بعض الصحف البريطانية على الدكتور يوسف القرضاوي, واحتجاجها على السماح له بدخول بريطانيا, وأيد مواقف هذه الصحف قائلا إن ارتباط اسم الشيخ بتنظيم الإخوان المسلمين "جعله ينظر إلى العالم من نافذة الحزب أكثر من واقع الأمة وقدراتها وحاجاتها", وإنه من الشيوخ الذين "يحرضون الشباب على القتال, وهم لم يغادروا بلدانهم, ولا يسمحون لأولادهم بالشيء نفسه". وأضاف قائلا إن القرضاوي "من أكثر الدعاة إلى الحرب والمواجهة, لكنه يعيش في قطر في بيت مكيف". والراشد يقصد بالحرب والمواجهة هنا المقاومة المشروعة في فلسطين والعراق, فهو يرى أنها ضرب من العنف أو الإرهاب الذي يستحق هو نفسه الإدانة والمقاومة. ويؤكد هذا المعنى في كلامه عن القرضاوي, عندما ينتقد موقف الشيخ من اليهود, وينقل عنه قوله: "اليهود كطائفة ظلمهم واضح بين.. ظلم عظيم, وظلم لا نظير له, وظلم مكشوف.. لا نحاور هؤلاء [اليهود] وأيديهم ملوثة بدمائنا". وعلق الراشد على ذلك بقوله إن القرضاوي سياسيا "يمثل أقصى التطرف بكل أسف".

في عموده المنشور في الثاني عشر من تموز (يوليو) كتب الراشد مقالا بعنوان (ليس جدارا عنصريا) انتقد فيه من يقولون إن هدف الجدار الذي تبنيه إسرائيل في الضفة الغربية المحتلة هو التمييز العنصري ضد الفلسطينيين, لأن "إسرائيل تستطيع أن تفند دعوى تهمة العنصرية بالتذكير أن أكثر من مليون من "مواطنيها" في داخل إسرائيل هم فلسطينيون, ويعيشون معها نصف قرن, ويحملون هوياتها, وتدعي أن لهم نفس الحقوق الممنوحة لليهودي الإسرائيلي". ودعا الراشد إلى عدم الانشغال بموضوع الجدار, والاهتمام "بتفعيل التفاوض, وإعادة الكرة مرة بعد أخرى".

في مقاله المنشور في 17من تموز (يوليو) انتقد الراشد ما وصفه "بالغضبة المضرية" من نبيل أبو ردينة, مستشار الرئيس ياسر عرفات على تيري رود لارسن, مبعوث الأمم المتحدة إلى الشرق الأوسط. وأكد أن لارسن ليس تافها ولا مشبوها كما قال أبو ردينة, وأن تقريره عن قرب انهيار السلطة الفلسطينية "يصب حقيقة في صالح الفلسطينيين".

في عموده المنشور في من 26 تموز (يوليو) تحدث الراشد عما يحدث في العراق, منتقدا "المقاومة" ضد الأميركيين, قائلا إن الحرب هناك "بدأت بمقاومة, ثم أصبحت أرضا تجتذب أفراد تنظيم القاعدة الذي يجمع عناصره, وتقدر بالآلاف من المجندين القدامى والجدد".

في 28 من تموز (يوليو) أكد الراشد المعنى ذاته قائلا "إن جزائريين ومغاربة وخليجيين ولبنانيين وفلسطينيين ويمنيين وسودانيين ينشطون في العراق", وإن "هوية جيش المتطرفين" الذي يتشكل هناك لا ينتمي إلى القاعدة وحدها, "بل صار مظلة تضم تنظيمات متطرفة مختلفة تعمل منفصلة في ثلاث قارات, تجتمع الآن ولأول مرة على أرض واحدة. هذه جميعها تلتقي في رؤيتها المناهضة للواقع السياسي معتبرة جميع الأنظمة كافرة, ولا بد من مواجهتها".

في 3 من آب (أغسطس) كان عنوان عمود الراشد "هل هي المقاومة التي عنها تدافعون؟". تساءل الكاتب وأجاب في ثنايا عموده مؤكدا أن المقاومة العراقية "تريد أن تخلق مناخا عاما من الفوضى, وتحيل البلاد إلى قطع متناثرة, تتيح لها فرصة إدارتها مكسرة". وتبنى المقترح الأميركي بإرسال قوات عربية وإسلامية إلى العراق, وقال إن هدف هذه القوات هو "محاصرة الإرهاب, وليس مقاومته عسكريا".

في 15 من آب (أغسطس) كان عنوان عمود الراشد "علاوي أن يكون أو لا". وصف الكاتب جيش المهدي بالميليشيا, ووصف المقاومين في مدينة الفلوجة بأنهم "فرقة الرعب", وقال إن حكومة علاوي تدير "معارك حاسمة" ضد هؤلاء وأولئك, فإما أن تثبت " أن لها سلطة على كل شبر من البلاد, أو ستنتهي محاصرة في العاصمة. وهذا الحسم بالتأكيد في صالح الجميع". وأضاف أنه إذا "فشلت الحملة العسكرية الحالية سنرى عراقا ممزقا, وحركات تنشق عن أخرى.." وأن نجاح الحملة سيخدم كل دول الجوار, ولذا يجب أن تكون "سريعة وحاسمة وبأقل قدر من الأضرار".
في عموده المنشور في 21 من آب (أغسطس) أكد الراشد أنه لا يوجد خيار أمام حكومة علاوي, "إلا أن تثبت قدرتها على الأرض", أو "سينتهي العراق دولة مساحة نفوذها لا تتجاوز المنطقة الخضراء في بغداد".

في 22 من آب (أغسطس) عاد الكاتب إلى الشأن الفلسطيني, وكتب مقالا بعنوان " أنقذوا عرفات". انتقد فيه الرئيس الفلسطيني, مؤكدا أنه "ارتكب أخطاء جسيمة في تاريخه, حروبا في غير محلها, ومغامرات خاطئة, ورفض مشاريع سلام ثمينة". وهي التهم عينها التي ترددها إسرائيل والإدارة الأميركية ضد عرفات.

كتب الراشد في 24 من آب (أغسطس) مثنيا على نتائج الاحتلال الأميركي للعراق قائلا إن العراق انتقل بالاحتلال من" عهد صدام المحارب للدين ثلاثين سنة إلى انفتاح كامل يسمح للجميع بظهور حقيقي في الحياة العامة, بما في ذلك المراجع الدينية". كما أثنى الكاتب على الحكومة التي جلبها الاحتلال قائلا إنها "ابتعدت عن الانتماء لأي فريق ديني, بدليل أن معركتها ضد جبهة شيعية في النجف تأتي موازية لمعركتها ضد الجماعة السنية المتطرفة في الفلوجة".

في 28 من آب (أغسطس) احتفل الكاتب بخروج الزعيم الشيعي مقتدى الصدر من النجف, وكان عنوان عموده "هزيمة الصدر بداية لعهد جديد". قال الكاتب إن خروج الصدر من المدينة الشيعية المقدسة يمثل "نهاية فصل واحد مهم في معركة طويلة لبناء العراق الحديث".

كان عنوان عمود الكاتب في 4 من أيلول (سبتمبر) هو "الحقيقة المؤلمة أن كل الإرهابيين مسلمون". لم يصنف الكاتب ممارسات شارون في الأرض المحتلة في خانة الإرهاب, ولا ممارسات الإدارة الأميركية في أبو غريب وغوانتانامو, وحصر تهمة الإرهاب في المسلمين, تماما كما يرى الساسة الأميركيون والإسرائيليون. يقول الكاتب مرددا المقولات والإدعاءات الأميركية إن "الذين يمارسون عمليات اغتصاب وقتل في دارفور مسلمون". وينتقد الكاتب عمليات المقاومة الاستشهادية في فلسطين بطريقة غير مباشرة, فيقول: "..ومعظم الذين نفذوا العمليات الانتحارية ضد حافلات ومدارس وبيوت ومبان في أنحاء العالم في السنوات العشر الماضية أيضا مسلمون".

ويعلق الراشد على هذه الصورة التي رسمها متعجبا: "يا له من سجل سيىء, ألا يقول شيئا عن أنفسنا ومجتمعاتنا وثقافتنا؟". ويستمر في عملية جلد أو تدمير الذات هذه قائلا: "هذه الصور قاسية ومخجلة ومهينة لنا". ويقترح الراشد وصفة للعلاج تبدأ بالاعتراف بصحة هذه التهم كلها, ثم "مطاردة أبنائنا الإرهابيين" الذين هم "نتاج طبيعي لثقافة مشوهة". ويدعو الكاتب القراء إلى الاستماع للشيخ يوسف القرضاوي, الذي وصفه "بشيخ التلفزيون" زاعما أنه "أفتى جهارا بجواز قتل المدنيين الأميركيين في العراق". ويضيف: "تصوروا عالم دين يحث على قتل مدنيين, شيخ في أرذل العمر يحرض صبية صغارا على قتل مدنيين.. كيف لأب مثله أن يواجه أم الفتى بيرغ الذي ذبح ابنها نحرا لأنه جاء للعراق, للعمل في أبراج هندسية؟ كيف نصدقه عندما يقول لنا إن الإسلام دين رحمة ودين تسامح, وهو يحوله إلى دين دم؟". طبعا الراشد لم يتطرق إلى مذابح الفلسطينيين, ولم يورد اسم شهيد فلسطيني واحد, وهو بالمناسبة لم يعلق على جريمة قتل الشيخ أحمد ياسين, إلا بقوله "دعوا الانتقام" لأنه "عمل أعمى, والحرب لا يكسبها العميان" كما قال(28 آذار/ مارس 2004), ولم يعلق ألبتة على استشهاد الدكتور عبد العزيز الرنتيسي. لم يتذكر الراشد أن للشهداء الفلسطينيين أيضا أسماء تسجل وتعلن, واكتفى فقط بذكر اسم الأميركي بيرغ.

في عموده المنشور في 21 من أيلول (سبتمبر) علق الراشد على منع السلطات الألمانية مؤتمرا فكريا عربيا بدعوى أنه سيجتذب متطرفين معادين للعولمة وللولايات المتحدة وإسرائيل, ورأى أن السبب يكمن في تغير "رؤية العالم تجاهنا, بسبب ما صدرناه لهم من مناظر بشعة تحملها المواقع الإلكترونية من حفلات إعدام, وتبثها محطات تلفزيون من أشرطة تهديد, ومؤتمرات تتدارس بإعجاب ومفاخرة أعمال التدمير". وحذر الكاتب من محاولة من وصفهم بالمتطرفين "ركوب القضية الفلسطينية العادلة, لاستغلالها في قضيتهم الدولية". وختم بالقول: "يخطئ الفلسطينيون والمؤمنون بالحق الفلسطيني عندما يخلطون القضايا, ويورطون قضيتهم في محرقة الإرهاب المحكوم عليها بالفشل". الراشد هنا لم يحدد بالضبط ما يعني بالإرهاب, والذي يبدو أنه يقصد العمليات الاستشهادية في الوطن المحتل, التي يصفها عادة بالانتحارية.

في مقال (البراغماتية السورية) المنشور في 23 من أيلول (سبتمبر) قال الكاتب إن براغماتية النظام السوري ساعدته عبر السنين في الخروج من كثير من المآزق, وإن "سورية البراغماتية هي التي لم تنجر30 سنة إلى مواجهات خاسرة مع إسرائيل". وهكذا حكم الكاتب على أن أي شكل من أشكال المقاومة أو رد العدوان أو محاولة تحرير الأرض هو ضرب من العبث أو الكفاح الخاسر. وختم الراشد عموده بالقول إن دمشق تواجه تهما "يسهل تفعيلها" مثل "إخفاء أسلحة دمار شامل, ووجودها العسكري على أرض دولة أخرى بصورة "غير مشروعة", واستضافتها تنظيمات "إرهابية"...", ما يجعل الخيارات التي أمامها "قليلة وخطيرة".

في 30 من أيلول (سبتمبر) انتقد الراشد تصريح وزير الخارجية الفرنسي ميشيل بارنيه الذي دعا فيه إلى إشراك قوى المقاومة العراقية في المؤتمر الدولي حول العراق, والذي التأم في شرم الشيخ بمصر في الثاني والعشرين من تشرين الثاني (نوفمبر) 2004. تساءل الراشد: "كيف يمكن أن تدعى للحضور مقاومة من الأشباح؟ هل سيصلون إلى القاعة ملثمين كما يظهرون على التلفاز مع ضحاياهم المخطوفين, أو المقطوعة رؤوسهم؟". وأضاف مهاجما المقاومة بأطيافها كافة, وبلا تمييز قائلا إن "المقاومة صاحبة السيارات الانتحارية والرؤوس المقطوعة ليست عراقية, وأيضا لا تعترف بالأمم المتحدة إلا كمنظمة للدول الكافرة, ومشروعها لن يتوقف إلا بقطع آخر رأس في العالم, لا العراق وحده". وتبنى الكاتب الخط الأميركي بالكامل بدعوته إلى دعم الحكومة التي نصبها الاحتلال الأميركي في العراق قائلا إن كان العراق " بحاجة إلى مؤتمر, فهو من أجل التأكيد على سلامة نظام شرعي يجمع ولا يفرق".

في 3 من تشرين الأول (أكتوبر) عاد الراشد مجددا إلى الشأن الفلسطيني, منتقدا الانتفاضة التي كانت "حجارة ومقالع من صبية الشوارع, ثم أصبحت صواريخ وسيارات مفخخة يقودها بالغون". يقول الراشد إن الانتفاضة نجحت في صيغتها الأولى, وأحرجت إسرائيل داخليا وخارجيا, لكن "بعد أن خطفت التنظيمات الانتفاضة تحولت إلى حرب مألوفة, كأي حرب أخرى في سيري لانكا وشمال نيجيريا وإيرلندا الشمالية, مواجهات بين طرفين متقاتلين. خسرت الانتفاضة براءتها ودعايتها بعد أن تبدلت مظاهرها الأولى من جنود إسرائيليين يقتلون أطفالا عزل إلى مسلحين فلسطينيين يقتلون أطفالا إسرائيليين". ساوى الراشد في كلامه بين الطرفين, المحتل الإسرائيلي, والفلسطيني الواقع تحت الاحتلال. ووصف المقاومين الفلسطينيين بالمسلحين, بينما وصف الإسرائيليين الذين يقتلون أطفال فلسطين بالجنود. ومضى الراشد منتقدا القيادات الفلسطينية قائلا إنها أخفقت إخفاقا كبيرا في استثمار الانتفاضة سياسيا, وإنها تنافست على أمر واحد وهو "التبرع بالشهداء مجانا". وأضاف أن الانتفاضة "متناقضة, تظهر محتارة, مرة مثل معارضة عراقية مسلحة, وتارة مثل تنظيم القاعدة".

في 9 من تشرين الأول (أكتوبر) كان عنوان عمود الراشد واضحا في دلالته: "التطرف من الفلوجة إلى طابا". الذي حدث إذن في الفلوجة من مقاومة للغزاة الأميركيين هو تطرف مشابه لتفجيرات طابا. يريد الكاتب أن يشوه وجه المقاومة العراقية بربطها بأعمال غير قانونية, أو مثيرة للجدل, أو موصومة بالتطرف. يقول في خلط واضح للأوراق: "لا يعقل أن نبرر الأعمال الإرهابية في انفجار, ونهاجمها في انفجار آخر, فهي مترابطة فكريا إن لم تكن مترابطة عضويا". ويضيف: "فلا فرق بين هجمات انتحارية في كابل أو الأنبار أو إسلام أباد أو الرياض أو الجزائر أو باريس أو دمشق أو طرابلس أو طابا. كلها تلتقي في حقيقة واحدة, منفذوها عقول متطرفة".

في 30 من تشرين الاول (أكتوبر) استخدم الراشد التوصيفات الأميركية للمشهد العراقي, فوصف المقاومة العراقية بأنها "بعثية", ووصف المقاومين بأنهم "متمردون" و"أصوليون".

في 13من تشرين الثاني (نوفمبر) بدأ الراشد مقالا من 3 حلقات بمناسبة رحيل الرئيس ياسر عرفات. كان عنوان السلسلة "ماذا بعد دفن عرفات؟". تبنى الراشد الرواية الإسرائيلية والأميركية بشأن عرفات قائلا: " عرفات كان طرفا في المشكلة", وغيابه "يمثل فرصة إيجابية". وانتقد الرئيس الراحل بقوله إنه مات عاجزا عن خوض "المعركة الصعبة" لأنه " كان يراعي كل الاحتمالات, وبالتالي اختار أن يخسر الفرص الثمينة من أجل أن يكسب الإجماع الفلسطيني". إذن كان على عرفات أن يكسر الإجماع, ويشق الصف الفلسطيني, ويذهب في طريق التنازلات إلى آخر مدى, وأن يقمع – كما يطالب الإسرائيليون والأميركيون – المنظمات التي ترفض الاستسلام للشروط الإسرائيلية. يطرح الراشد رؤيته أمام القيادة الفلسطينية الجديدة بقوله: "الامتحان الدموي آت للقيادة الفلسطينية التي سيتحدى سلطتها الخارجون عليها, وستواجه عمليات تمرد داخلية, وسيارات انتحارية في تل أبيب والقدس, وقتلى إسرائيليين بالعشرات, وبيانات فلسطينية تتهمها بالخيانة, وبيانات دولية تتهمها بالعجز, ومنظمات فلسطينية تعلن عزمها على قيادة الشأن الفلسطيني, والاقتتال للحصول على شعبية في الشارع الفلسطيني المأزوم والمحبط دائما".

في الحلقة الثانية دعا الكاتب الحكومات العربية إلى تأييد القيادة الفلسطينية الجديدة, مؤكدا أنه "مع غياب أبو عمار لم يعد هناك مبرر للتقاعس في دعم السلطة لتصبح قادرة على تقديم الرعاية الإنسانية والخدمة المدنية التي عجزت عنها بسبب ما مرت به من حصار ومقاطعة دولية", وأن "الإخفاق في رفع الحصار عن المدن الفلسطينية وعدم دعم السلطة في رام الله سيتسبب في استنساخ عرفات بآخر". وزعم الراشد أن معظم عمليات القوات الإسرائيلية في الضفة الغربية و قطاع غزة كانت للانتقام لا للقضاء على خصومها, وهي الذريعة التي طالما استخدمتها إسرائيل ووسائل الإعلام الغربية المتعاطفة معها لتبرير ممارسات الاحتلال الإسرائيلي العدوانية في الأرض المحتلة.

في الحلقة الأخيرة من سلسلة "ما بعد دفن عرفات" كتب الراشد: "اختتمت الحالة العرفاتية بحالة جمود قاتلة, وساحة مكتظة بالانتحاريين, وقطيعة دولية, وبرود عربي, ومؤسسة سياسية معطلة, وخزينة مفلسة, وصراع على السلطة كاد ألا ينتهي". هذا المشهد الذي يرسمه الراشد حول عرفات يؤكد انحيازه المطلق للصورة النمطية الأميركية للمشهد الفلسطيني التي لا يبرز فيها سوى الجمود والفساد والإفلاس وقطعان بشرية فاقدة للأمل ومقبلة على الموت انتحارا. الحقيقة تقول إنه لم تكن هناك قطيعة دولية, بل قطيعة أميركية إسرائيلية, أما البرود العربي الذي أشار إليه الكاتب فكان مجرد ثمرة لهذه القطيعة. هذا لا يعني طهارة الساحة الفلسطينية في عهد عرفات من الفساد, ولكن الراشد لا يرى في المشهد أكثر مما يسمح به المنظور الأميركي والإسرائيلي الذي قرر عزل عرفات, وسعى لتصوير الشعب الفلسطيني بوصفه شعبا كارها للحياة, عاشقا للعدمية والموت الرخيص.

في مقال له بعنوان (شدوا الأحزمة في الأرض المحتلة) منشور في 29 من تشرين الثاني (نوفمبر) أثنى الراشد على الأداء السياسي للقيادة الفلسطينية الجديدة, لكنه أثار مجددا مسألة حركات المقاومة, وعلاقة السلطة بها. يقول: "بقيت ملفات صعبة, لكن ليس صعبا في هذا الظرف التضامني التوصل إلى حلول لها, مثل سحب قرار الحرب من يد الفصائل والتنظيمات الأخرى مثل حماس والجهاد الإسلامي التي تقرر متى وأين وكيف وأين تقاتل. الوقت حان للتنسيق مع السلطة الفلسطينية, والاعتراف بحقها في اتخاذ القرار الاستراتيجي, كالحرب والسلم". ويتساءل الراشد ماذا ستفعل السلطة الفلسطينية عندما تقرر إيقاف العمليات العسكرية, ثم "تتمرد فصائل على القرار, وتخرق الاتفاق, ويقتل جمع من المدنيين الإسرائيليين؟". ويلجأ الراشد إلى التحريض على فصائل المقاومة متسائلا: "هل ستقبل السلطة بتنظيمات خارجة عن إرادتها, تنفذ عمليات متى ما تريد, وتبني معسكرات كيفما تريد, وتتعامل سياسيا مع جهات خارجية متى ما تريد؟ لا توجد سلطة في العالم تقبل بذلك إلا إذا كانت مجرد دمية لآخرين..لا تملك القيادة الجديدة إلا حسم مسألة المرجعية السياسية الواحدة, ككل نظم العالم, وتفرضها بشكل لا تردد فيه..".

في مقال من حلقتين بعنوان "من ينقذ السنة من السنة", نشرا في يومي 1 و 2 من كانون الأول (ديسمبر) انتقد الراشد المقاومة السنية في العراق متسائلا بتهكم: "هل المسالخ البشرية التي عثر عليها في الفلوجة, وروعت صورها العالم هي بيوت سنية؟ وهل المجالس والعلماء الذين توعدوا أقوى قوة في العالم, ينطقون بالفعل بلسان أضعف فريق في العراق؟". يتجاهل الراشد الصور التي روعت الضمير الإنساني حقا, وهي صور الذبح الجماعي, والإجهاز على الأسرى في المساجد, وسياسة الأرض المحروقة, وحرب الإبادة التي شنتها قوات الاحتلال الأميركية على تلك المدينة العراقية الصغيرة. ويجعل الراشد معيار العدل والحكمة هو الاستسلام للقوي المتجبر, والإقرار بالضعف والخنوع أمام دمويته وإرهابه, عندما يتساءل: هل العلماء الذين توعدوا أميركا ينطقون بلسان السنة الضعفاء؟ من قال إن القوة الأميركية لا راد لقضائها, ولا معقب لحكمها, ومن قال إن السنة هم أضعف فريق في العراق؟

يضيف الراشد شامتا بالسنة العرب:"الفلوجة المعركة رغم ما سببته من أذى كبير, ربما أنقذتهم من متطرفيهم, الذين كانوا يقودونهم نحو الدمار.. تحصنهم في الفلوجة حولها إلى مقبرة لهم.. وما حدث يبرهن كذلك على انعدام خبرة القيادة والمفاوضة عند السنة العرب. وهم بالفعل أناس بلا خبرة سياسية".

في الحلقة الثانية من مقاله "من ينقذ السنة من السنة" يواصل الكاتب هجومه على السنة العرب, فيقول إنهم "تحت القصف, وخارج سوق الانتخاب, بسبب عنادهم وجهلهم, وترك زمام قيادتهم للمتطرفين الذين يسكنون بينهم, أو يتحدثون باسمهم, وعلى سنة العراق أن يتذكروا أن متطرفي السنة, لم يفلحوا في البلدان ذات الأغلبية السنية, كما في الخليج ومصر والأردن, حتى يمكن أن يفلح تطرفهم في فعل شيء لصالح العشرين في المائة من سكان العراق". لا يضيف الكاتب جديدا هنا سوى أنه رمى السنة العرب في العراق عن بكرة أبيهم بالتطرف, بما فيهم هيئة علماء المسلمين, أبرز الأصوات الوطنية التي تعارض الانتخابات في ظل الاحتلال, بل ذهب إلى خارج حدود العراق فرمى حركات معارضة إسلامية في بلدان عديدة بالتطرف, وكرر المقولة الدعائية الأميركية القاضية بأن سنة العرب أقلية لا تتجاوز نسبتها عشرين في المائة من سكان العراق.

لا يبدو أبدا أن الراشد يضيف جديدا في طرحه. إنه فقط يعيد إنتاج ما تضخه وسائل الدعاية الأميركية حول الأحداث والأشخاص والظواهر في المنطقة العربية بأسلوب فيه كثير من الغطرسة والضحالة والنمطية.

* أستاذ الإعلام السياسي المشارك - جامعة الملك سعود - الرياض


0 Comments:

إرسال تعليق



"Join this group"
مجموعة العروبيين : ملتقى العروبيين للحوار البناء من أجل مستقبل عربي افضل ليشرق الخير و تسمو الحرية
Google Groups Subscribe to Arab Nationalist
Email:
Browse Archives at groups-beta.google.com

Creative Commons License
This work is licensed under a Creative Commons License
.


Anti War - Anti Racism

Let the downFall of Sharon be end to Zionism



By the Late, great political cartoonist Mahmoud Kahil